..صعد الي القطار دون حتي ان يهتم الي اي بقعه يشد رحاله ..
, الجو يميل للبروده .. وقد حملت نسمات خريفيه بارده رعده خفيفه لجسده مع ارتدائه تلك الملابس الصيفيه الخفيفه ...القطار يكاد يخلو من الركاب , وقد اخذ يتجول في طرقات القطار كأنه يبحث عن شئ ما, وحقيقة هو لم يكن يبحث عن مكان يجلس فيه بل عن رفيق له في تلك الرحله الطويله ربما تمكن من خلال الفضفضه اليه ان يفرغ كل تلك المشاعر السلبيه التي تضطرم في صدره والتي ترواده بين حين واخر دون ان يعرف لها سبب فاحيانا تكون لديه رغبه ملحه ان يتحدث بلا اي قيود او تحفظ لشخص لا يعرفه ولا تربطه به اي صله ..
اخذ يتفحص الوجوه القليله الموجوده في العربه حتي استوقفته ملامحها الرقيقه فهي تتمتع بجمال هادئ ساحر يذكرك ببطلات الحكايات القديمه وقد كانت منهمكه في قراءة روايه بدا من عنوانها طابع الرومانسيه ...
هل تسمح لي ان اجلس هنا ان لم يكن يضايقك
وجه سؤاله اليها وهو يشير للمقعد المقابل لها
جفلت لكلماته وقد رفعت نظرها عن الكتاب وقد التمعت في عينيها العسليتان علامات الدهشه ثم تجولت بنظراتها في ارجاء العربه التي تكاد تكون نصف مقاعدها خاليه تماما وكأنها تستنكر طلبه ..
مرت دقيقه من الصمت لم تجد بعدها امام الحاحه الصامت مفر ان تأذن له في الجلوس
تفضل
قالتها ونظراتها تغادره عائدة ثانيه لصفحات الروايه
مرت الدقائق ثقيله عليه وهو يبحث عبثا عن طريقه يتمكن من خلالها التقاط طرف خيط لدفع هذا الصمت والسأم الذي يلفهما
لفت نظره اسم تلك الروايه التي تتصفحها " موعد مع القدر" لتنبت عن شفتيه ابتسامه ساخره , فاسم الروايه ذكره بكلاسيكات الافلام المصريه وبعض تلك الروايات التي كان يقرأها في مرحلة المراهقه عندما كان قلبه مازال يتلعثم في ابجديات الحب ,وهو يختلس الوقت اثناء تصفح احدي تلك الروايات بينما المسجل يصدع باغاني كاظم الساهر وماجده الرومي وعقله يرسم ملامح رومانسيه لفتاة احلامه وهو يتجسدها فيمن عرفهم من فتيات
هل تستهويك قراءة الروايات الرومانسيه
سالها في محاولة منه لقطع هذا الصمت
لكنها اكتفت في ردها بايماءه قليله من راسها دون حتي ان تنظر اليه..
ضايقه لامبالاتها به كثيرا مما جعله يقرر اثارتها فقال في رنه تفيض بالسخريه ..
انا ايضا كنت كنت اقرأ تلك الروايات في السابق لكني توقفت عن قراءة مثل هذا الهراء منذ فتره طويله
التفتت اليه وقد علت ملامحها تعابير الدهشه والغيظ لاسلوب رده العدائي الساخر..
ولكنها ايضا ظلت محتفظه بصمتها ..
حاول ان يخفف من حدة كلماته , فاردف في حديثه موضحا..
انا اقصد ان تلك الروايات تفيض بالخيال الذي لا يوجد له اي ظل في الواقع او اشبه بصنع عالم من الاحلام تجعل القارئ ينفصل عن واقعه الملموس
لم يعجبها هجومه علي تلك النوعيه المفضله لديها في القراءه , فردت مدافعه..
ان تلك الروايات تصور مشاعر انسانيه نبيله لا يمكن ان يشعر الانسان بمعني السعاده ان افتقدها في حياته ..
يبدو انكي فهمتي ما قصدته بطريقه خاطئه , قال موضحا ..ثم اردف .. اقصد ان تلك الروايات تقدم انماط للحياه وقصص خياليه لم تعد موجوده في واقعنا ..
انا لا اتفق مع ما تقول علي الاطلاق , فكثيرا من تلك القصص موجود ومقتبس بالفعل من الحياه ..
اسمحي لي ان اسالك قبلا , عما تدور تلك الروايه التي كنتي تقرأيها الان ..قال مستفسرا
باغتها سؤاله لكنها اضطرت ان تحكيها له فقالت
هي تحكي عن فتاه صماء تتعرف علي شاب عن طريق المحادثه عبر الشبكه العنكبوتيه دون ان يعرف حقيقة مرضها.. ويتطور بينهما العلاقه ليشعر كليهما بمشاعرخاصه تجاه الاخر فتضطر ان تصارحه بمرضها, مما يجعله يلح عليها ان يتقابلا مؤكدا علي تمسكه بها وانه يحبها بالفعل , لكنها تقرر ان تبتعد نهائيا عنه خشية ان يكون اعلانها بحبه هذا مجرد وهم نتج عن مشاعر من العطف والشفقة عليها
لقد توقفت عند هذا الجزء من الروايه في القراءه قالت وهي تعاود تصفح الروايه
يمكنني ان اقول لكي كيف تنتهي الروايه , فسوف يتقابلا ثانية وتنتهي النهايه السعيده المعتاده غير الواقعيه بان يقترنا ببعضهما .. قالها وقد بدت في كلماته رنة سخريه
هل انت تراها غير واقعيه ومستبعدة الحدوث
بالتاكيد .. قال في حزم ..ثم اردف مسهبا في حديثه..
فبداية اري ان مشاعره تلك مجرد مشاعر تعود وارتياح يشعر بها كل منهما تجاه الاخر وليست مشاعر حب حقيقيه ساعد علي تأججها شعور بالعطف والشفقه نما داخله بعد ان عرف بحقيقة مرضها ورفضه ان يبدو امام نفسه بمظهر النذل الذي تخلي عنها ,... وحتي لو افترضنا جدلا انه يحبها حقا , فاؤكد لكي , ان مع مرور الوقت واصطدام كليهما بالواقع الصعب سيتبدد الحب وتبقي مشاعر الشفقه والعطف فقط
الا تري ان رايك يحمل كثيرا من القسوه علي الفتاه قالت وهي تسرح بنظراتها بعيدا
علي العكس فانا اخشي علي الفتاه ان تسقط في فخ الاوهام , بعد ان يتبدد الحب سريعا فيصير كقطرات الندي عندما تتبخر حين تلفحها حرارة الشمس الحارقه لتبقي وحدها تئن وتتعذب , فلا يوجد بنيان من الحب يمكن ان يصمد ان خالطت اساساته ولو قليلا من الشفقه
كان يتوقع اعتراض حاد علي رايه من جانبها لكنها فاجاته بردها الذي احس فيه بنبرة حزن مفاجئه
اعتقد ان عندك بعض الحق
لم يسعده انتصاره في تلك المعركه الجدليه معها , مع هذا التبدل الطارئ الذي كسا ملامحها بطبقة كثيفه من الحزن الشديد وقد بدت نظراتها شارده وكأنها مصوبه لمكان غير مرئي عبر زجاج النافذه المغلقه
هل حمل كلامي ما ضايقك ؟
سالها محاولا معرفة سبب غيوم الحزن تلك التي اعتلت وجهها فجأه
لكنها ظلت علي صمتها وكأنها لم تسمع ما قاله , فاراد ان يعيد السؤال ثانية علي مسامعها ..لكنه لاحظ عبر النافذه بتباطء القطار فآثر الصمت
بدأت تلملم اشيائها فدست الروايه في حقيبتها اليدويه التي كانت بجوارها , ثم انحنت لتلتقط ماسوره معدنيه كان جزئها العلوي مخبئ خلف حقيبه صغيره يبدوا ان فيها باقي اغراضها ..
ليفاجأه ان تلك الماسوره المعدنيه ليست الا عكاز مالبثت ان اتكئت عليه وهي تنهض من مقعدها بصعوبه..