الاثنين، 31 مارس 2008

الحب وسنينه "1"


منذ فترة قصيرة طرح في مدونات صديقة سؤال عن ما هو الحب , تقريبا كل واحد رد علي السؤال وعرف الحب بطريقة مختلفة عن الاخر , يمكن لان الحب مش شئ ملموس في ايدينا , مش معادلة كيميائية معروفة النتائج , هو شئ بنحسه من غير ما نشوفه , لكن بنشوف اثاره , زي بالظبط نسمة الهوا الرقيقة تلامس وجوهنا ,او لما نشوف حركة اوراق الشجر ونسمع حفيفها مع تلاعب الهوا باغصانها ," ياتري عشان كده ربطنا بين الحب والهوا .".يمكن ..

انا بقصد في الموضوع هنا مشاعر الحب بين رجل وانثي لكن بعيدا عن الشكل الغريزي اللي يشترك فيه الانسان مع الحيوان , بل اقصد هنا المشاعر والاحاسيس التي تتحرك داخل قلوبنا دون تحكم منا فيها , مشاعر الحب اللي بتخلي انسان بيضحي باشياء كتيرة عشان اللي بيحبه , او يقعد سنين علي ذكري حب مضي ...

احيانا بيكون مجرد وهم او رغبة لدينا اننا نعيش حالة حب , وفي ناس زي ما ذكر في احد مواضيع مدونة نورحياتي عندهم شيفونية يعني رغبة في تعذيب الذات والنوع ده ايكون اول موضوع عندنا من خلال حالة الحب من طرف واحد " اصلي كل اللي فات مقدمة " عارف في ناس اتقولي صدعتنا وشايفهم عاوزين يقوموا , مفيش خروج من المدونة الا لما تاخدوا للبوست للاخر عشان البوست يعمل مفعوله ..

الحب من طرف واحد


دايما معني الحب ده كان بياثر فيا جدا من وانا صغير خاصة وانا بشوف تيمة الافلام العربية القديمة الشهير هو بيحبها وهي بتحب حد تاني واللي هي بتحبه بيحب واحده تانية وكأن الناس هنا غاوية تعذب نفسها طيب ما كل واحد يحب اللي بيحبه وخلاص , يقلك قلبي مش بايدي , طبعا جزء من الكلام ده حقيقي لان القلوب بيد اللي خالقها " الله عز وجل " بس برده في ناس غاوية تعذب نفسها لدرجة إن كل ما كان اللي بتحبه مش حاسس بيها " او مش حاسة بيه " خالص بتلاقيها بتتعلق بيه اكثر , وفي حالات لو هو حس بيها اخيرا تلاقيها حبها فتر تجاهه وكانها بتتبع حكمة الممنوع مرغوب وكل ما هو بعيد عن متناولها هي متلهفة ليه اكتر ., فاذا كان الحب فيه بعض العذاب فان الحب من طرف واحد هو قمة العذاب

عشان كده إن دعبست في دولاب الخواطر بتاعي عشان اجيب خاطرة كتبتها زمان عن الحب من طرف واحد , هي ممكن متكنش تجربة شخصية اوي لكن انا حاولت استحضر مشاعر هذا المحب بلا امل وعذاباته التي لا تنتهي واتمني الخاطرة تعجبكم وتكون معبرة بجد

ان تحب مثلي


ان تحترق دون ان ينبعث منك رماد
ان تتحول الدمعات في عينك
الي بلورات من الثلج
ان لا تري احد في الكون سواها
بينما لا تشعر هي بوجودك
ان تسمع في صمت
تنهدات حبها لغيرك
وتبث اليك شكواها
وانت تتصنع الاهتمام ....
ان تبتسم....
وقلبك يزرف العبرات
ان تتعالي ضحكاتك
وجرحك مازال ينزف بالألم
و يتحول مخدعك
الي فراش من جمرات
ويصير ليلك بغير نجوم
وان تغادر مدار الارض
وتظل معلق قي الفضاء
تجرفك اعاصير الشمس
الي ابعد مدار...
وتفقد احساسك بزمانك ومكاانك
ويتحول قلبك الي ثقب اسود
تسافر اليه احزان العاشقين
من كل مجرت الكون....
هل تريد ان تحب مثلي؟

النسيان


تاني حالة من حالات الحب هي النسيان ..فاذا كان الحب قدر فالفراق ايضا قدر , فاحيانا نفرق الظروف بيننا وبين من نحب ويكون علينا ساعتها النسيان حتي لا نتعذب بذكري هذا الحب الضائع , وهنا يطرح السؤال هل كل البشر قادرين علي النسيان بنفس الدرجة , طبعا كلما كان الحب اقوي كلما كان النسيان اصعب , لكن ايضا هناك بعض البشر من الصعب جدا إن ينسوا حبهم الاول مهما مرت السنين ويكون النسيان بالنسبة لهم درب من المحال .. وهذه هي الحالة التانية من عذابات الحب ..


برده انا جبتلكم من دولاب الخواطر بتاعي خاطرة تعبر عن هذا الحب ..

كيف لي ان انساكي


لماذا كلما حاولت ان ابتعد
وأشيد من أحجار الزمن جدارا يحجب عني تفاصيل ملامحك
هناك قطعة مني تسحقني الي عالمك
إذا كان قدر لنا أن تتباعد بنا الدروب
فلماذا يرفض قلبي أن ينصاع
فعندما يتردد اسمك ...
يحترق النبض وتذوب الذاكرة
وتهيج داخلي عاطفة التمني واللهفة والرجاء
ويسكنني حزن كحزن الأطفال
أريد أن أنساكي
ولكن عندما أتوهم نسيانك
تذكرني انتفاضة شوق مع تخيلي ان تلك النسمات تحمل انفاسك
لحظة ان أغمض عيني
يتدفق شلال الذكريات
وتختنق العبرة لاذعة في حلقي
حتي وان فقدت ذاكرتي لكي أنساكي
كيف سأنتزع كل هذا الحزن الذي سكبتيه في روحي
عبثا احاول ... وعبثا اتساءل ...
كيف أنساكي يا من حروف اسمك منقوشة علي قدري

الاثنين، 24 مارس 2008

قصص من سطر واحد "2"



انزوت في ركن الحجرة وهي ترتعش من فرط الاحساس بالخوف مع تعالي الصيحات الغاضبة , والتي ما لبثت إن هدأت مخلفة صوت انين مكتوم ,حينها قررت ان تتمالك كل شجاعتها وتوجهت اليه بينما هو يعتصرلفافة التبغ بين يديه و ينفث الدخان المحبوس في صدره عبر الشرفة المفتوحة , ونادته بصوت مرتجف يحاول إن يتظاهر بالشجاعة " بابا .. انا بكرهك " ثم قامت بالفرار من امامه كجرو مذعور, ليظل هو في مكانه كتمثال من الشمع من فرط الذهول..



احبها بجنون ولم يجد اغلي من قلبه ليهبها اياه لكنها كانت تفضل ان يشتري لها شئ اكثر قيمة..


كان كلما كلمته عن المشاعر والاحاسيس كلمها عن غلاء الاسعار, وكلما كلمته عن الحب كلمها عن مشكلة البطالة , وفي لحظة ثورة عارمة منها قررت مغادرة المكان ليشيعها هو بنظرة دهشة وذهول وعدم فهم..


في لحظة مصارحة نادرة قرر إن يعترف لها بكل خطاياه واثامه طالبا منها الغفران فما كان منها الا ان اعترفت له ايضا بكل ماضيها قبل الزواج حينها فقط قبل يديها وجبينها وغادر المكان ثم ارسل لها ورقة الطلاق ..


كان يحبها بجنون لكه ادرك مع تلك الالام الحادة في معدته بعد تناول عشاؤه الاخير انها كانت تكرهه بجنون


لم تستطع ان تمنع دموعها ان تنهمر من فرط التوجع وهي تصفق له بصورة هيسترية قبل ان تسقط علي الارض وقلبها ينزف من فرط الاحساس بالمهانة , فقد ادركت متاخرا جدا كم كان حقا ممثل بارع وكم كانت هي حقا حمقاء غبية


قرر إن يكتب مذكراته وعندما انتهي من اول صفحة وبدأ يقرأ ما كتبه اصابه الاكتئاب ثم قرر إن ينتحر


منحها نبض قلبه ومنحته هي خنجر في صدره


كان كلما تظاهر بعدم الاكتراث بمشاعرها ازدادت تعلقا به , لكنه اخيرا استسلم امام دموعها واعترف لها بحبه لتبدأ هي بحثها مرة اخري عن عاشق آخر


كان كبرياؤها يمنعها ان تعترف له بحبها بينما كان خشيته من رفض مشاعره من جانبها وفقدانه صداقتها يجعله يؤثر الصمت حتي كان اليوم التي اعطته فيها دعوة عقد قرانها من آخر..

كانت تكرهه بشدة , ولم تجد طريقة لتنتقم منه خيرا من ان تتزوجه..

كان مستلقي علي السرير بينما كل عصب من جسده يرتعش من فرط الالم , وبعين متوسلة كان يحثها لكي تنهي ترددها , لتستجيب اخيرا وتضع المخدة علي وجهه وتضغط بقوة دون اي مقاومة تذكر منه ثم جثت علي ركبتيها وهي تبكي بانين مكتوم..


مد لها يده لكي ينتشلها من من بحر الضياع التي كادت تغرق فيه وعندما تمكن من انقاذها اخيرا وجد نفسه قد غاص حتي ركبتيه في مستنقع الرذيلة ليكتشف الحقيقة المروعة فقد كانت تخدعه فهي تجيد فن الغرق..


استاذنته وهمت بمغادرة المكان خشية إن تخذلها دمعتها التي صارت تترقرق في مقلتيها الان وتسقط امامه فيعلم مدي الالم التي تسبب فيه حديثه عن هذه الذي يهيم بحبها, وفي اللحظة التي استدارت فيها بوجهها في الجهة المقابلة نبتت عن شفتيه ابتسامة الظفر اخيرا


الصمت والسكون والترقب يسيطران علي المكان ثم فجأة دوت صرخة مدوية فقد احرز النادي الاهلي هدف في الدقيقة الأخيرة من المباراة


انه يرفض هذا الاتهام ويشعر انها اهانته بشدة بادعائها انه قبلها علي حين غفلة منها , ولم تهدأ ثورته الا بعد إن اعترفت امام الجميع بكذبها وبينما هي ترتعش اعتذرت له" انا اثفة.." وحينها فقط وافق إن يعودا للعب سويا مرة اخري


الاثنين، 17 مارس 2008

خربشات قلم



معاني من نهر الحياة


-الحب بلا كرامة حب ذليل فلا تهن نفسك باسم الحب

-احذر نوعين من الاصدقاء :
صديق لا يأبه بمشاعرك ... وصديق لا يغفر لك ان اخطأت دون قصد منك

-لك ان تصرخ من شدة الالم , لكن لا تجعل من الآمك وسيلة لتسول مشاعر الاخرين

-هل جربت ان ترقص وانت مذبوح او ان تتصنع ابتسامة وانت علي حافة الموت

-طعنة عدوك قد تكون مؤلمة اما طعنة صديقك فستكون اشد ايلاما , اما طعنة اعز الناس اليك فانت لن تشعر بها لانك تكون قد مت

-الحب مثل النهر جارف وهادر وثائر في بدايته لكن نهايته ؟؟؟؟؟

-الحب الصامت مثل الشجر الذي لا يثمر

-ليست المشكلة أن تحب لكن كل المشكلة من تحب وكيف تحب

-آلمك سرك المكنون داخل ضلوعك فلا تفشي سرك هذا لأحد

-بعض البشر يجدوا متعتهم في ايلام الاخرين لكن البعض الاخر مولعين بايلام انفسهم

-ان لم تجد في قلبك مكان لتسامح من اساء اليك , فعلي الاقل لا تبحث عن مكان في قلبك لتكرهه فيه

-لا تحب احد بشدة حتي لا تتألم بشدة عند فقده

-بعض الجراح لا تبرأ ابد...

-الصداقة مثل الحب لا يمكن ان تكون من طرف واحد

-لو تجسد الجنون لكان امرأة

-عندما تحب انسان حب كبير , لكنك تجده يتنكر لمشاعرك , فيترك في قلبك جرح غائر يظل ينزف في صمت والم , ومع اشتداد الالم يتوقف القلب عن النبض , وفي هذه اللحظة تجد من تسبب في جروحك يعرض عليك حبه , فلا يمكنك ساعتها غيران تبتسم وانت تقول له انه لم يعد لديك قلب يمكنك ان تحبه به

-هناك اشياء في الاعماق تعجز الكلمات حتي ان تحتملها

-كرامتك هي الشئ الوحيد التي لا يمكنك استرجاعه عند فقده

-نخطئ عندما تشبه عواطف المرأة بتقلبات البحر لان البحر أكثر استقرارا

-من اكثر دلائل حمقنا اننا نتصور اننا بالفعل نمتلك حق الاختيار

-إن كان من الحمق إن تحب من لا يشعر بك فان الحمق الاكبر إن لا تشعر بمن يحبك

-تعلم إن تبتسم حتي لو كان الخنجر مازل ينزف من خلفك

-بعض الأسئلة بلا أجوبة , وبعض الأسئلة من الحمق أن نسألها

-مازلت ابحث عن شئ لا اعلم ما هو لكني مازلت اتصور اني يمكنني إن اجده


-عجبا للبشر إن سئلت اتهموك بالفضول وان لم تسأل اتهموك بعدم الاهتمام واللامبالاة

-لا تعبث بصندوق الذكريات لاحد مالم يعطك مفتاحه

-بعض الكلام موجع لكن الصمت اكثر وجعا فاين المفر

-دائما ننتظر من يسألنا لكننا نتألم كثيرا عندما نجيب

-من كان جسمه مثخن بالجراح لن يأبه كثيرا بوخز إبرة

-علمتني الايام كيف اتقن فن الصمت

-بعض النسيان جمر مشتعل تحت الرماد

-أحيانا يكون سبب ضحكنا الوحيد إننا لا نريد إن يري الآخرون دموعنا

-الثقة جسر نشيده مع الآخرين لذا من المستحيل إن نصنعه بمفردنا

-علمتني الأيام أن أوقن بالفراق في أول ساعة لقاء فعجبا لي لماذا انسي هذا الدرس




رسائل مجهولة


-سامحني إن كنت جرحتك فانا بالتأكيد لم أكن اقصد ذلك

-كونك تتألم لإحساسك انك آلمتني يؤلمني فوق ما تتصور

-كونك لا تثق بي إما لأنك لا تثق في الآخرين بسهولة أو لأني شخص يدعو للارتياب !!

-لماذا كلما أتذكرك اشعر بحزن حقيقي

-كن صادقا مرة واحدة واعترف انك كنت تكذب طوال الوقت

-قدرتك علي تبديل مشاعرك تذهلني , فعلمني صديقي كيف اتقن فن تزييف المشاعر

-لا اعلم سبب تصديقي لك هل لكونك ممثل بارع حقا ام لاني بالفعل كنت اريد إن اخدع

-لا تعاتبني إن كانت كلماتي موجعة , فالقلب يحمل وجعا اكبر بكثير

-كنت اتمني إن نفترق باقل الما ممكن , لكنك تصران تقتل كل الذكريات الجميلة التي احتفظ بها لك

-عجب لكي امرأة قادرة إن تحب وتكره بنفس العنف وبنفس القسوة

-نعم احبك ولكن هذا سر لا يمكن إن افشي لك به ابدا

-أنتي امرأة الدليل الوحيد علي انكي تحبي بعنف حجم الألم التي تحدثينه فيمن تحبين

-أن اكره... درس اعترف إن فشلت تماما في استيعابه

-مازلت ابحث عن شئ لا اعلم ما هو لكني مازلت اتصور اني يمكنني إن اجده

-إن قدرتك إن تقول كلمة الحب بهذه السهولة هو اكبر دليل انك تكذب

-اخشي ان لا اصدقك لاني علمي انك تكذب سيقتلني

-ارجوك لا تكن صريحا لهذه الدرجة رغم ان اكتشافي انك لم تكن صريحا معي سيجعلني لا احترمك

-المشكلة الان ليست اني لم اعد اصدق اكاذيبك , بل المشكلة اني لم اعد حتي اصدقك عندما تقولين الحقيقة

-عفوا نسيت ان احبك , فسامحيني علي خطأي التي لم اقصده !!!!

-حبك هو ذنبي الوحيد الذي لم اتوب عنه بعد

-دموعك جزء من روحك فاسمح لي ان اري دموعك لكي انفذ الي روحك

-ارجوك ان تسمح لي ان ارحل عن عالمك في اللحظة التي اشعر فيها اني صرت احد اسباب المك

-ان حزني اعمق من ماء البحر فلا تحاولي ان تجتازيه

-اذا كان حبي لك قدر ففراقنا سيكون قدر وقد علمتني الايام الا اتحدي الاقدار

-ما اشعر به نحوك هو مزيج من الحب والالم والجنون

-لا تساليني عما اشعر به نحوك يكفي ان اخبرك اني اتنفس وجودك

-ان جراحي تتغلغل بين النبض والعروق فكيف لها أن تبرأ دون خروج الروح

-ان كنت صديقك بحق فافتح لي نافذة علي روحك لكي أعرفك حقا

-صفى لي شكل الحب لكي أخبرك إن كنت احبك أم لا

-تتهميني إني جرحتك بينما جراحي مازالت تنزف بسببك

الأربعاء، 12 مارس 2008

جبال من الجليد "قصة قصيرة"


تنهض مي فزعة من نومها علي دوي جرس التليفون , تنتفض من مكانها مع انتفاضة قلبها بين ضلوعها , تتحسس الظلام حتى تصل لمفتاح الانارة , ومع إضاءة المكان ترفع عينيها إلي الساعة بصورة آلية , لتجد عقرب الساعة الصغير يقترب من الرابعة صباحا ..

تهاجمها التكهنات حول من يتصل في هذه الساعة المتأخرة ؟ّّّّّّّ!


أحست بالقلق علي زوجها الذي يقضي الليلة في العمل ضمن ورديته المسائية... هل يمكن أن يكون هو وقد أراد أن يخبرها بشئ هام , أم انه حدث له مكروه ؟

انتبهت من أفكارها وقد تبين لها أنها استغرقت طويلا في أفكارها تلك ونسيت رنين التليفون الذي مازال يتردد أصداؤه في المكان , ترفع السماعة وقد أخذت في إصاخة السمع للتعرف علي ماهية هذا المتصل ..

الو ..
"مدام مي "
"ايوه"
أنا صديق أخيك مصطفي ..


أحست أن صوت نبضات قلبها قد علا علي همس المتكلم المرتجف الصوت ..

انها تخشي ان تسأله ما حدث ...

فترة من الصمت الثقيل قطعها صوت المتكلم الذي بدا وكأنه يستجمع كل ما تبقي من شجاعته ..

"مصطفي في المستشفي ..."

القي كلماته الأخيرة كمن يلقي قنبلة وهو يخشي ان ترتطم بجسده شظاياها ..

ثم ما لبث ان تابع حديثه وقد تخلي عن بعض تحفظه الذي كان يتسم به كلامه في البداية, بينما كانت تشعر أنها فقدت قدرتها علي الإدراك , وقد أخذت في صعوبة تحاول تجميع كلماته المبعثرة في عقلها ....

"انه كان يقود السيارة في طريق القاهرة- الاسكندرية ..... وقد انقلبت به السيارة وهو الان يقبع في احدي مستشفيات الإسكندرية بين الحياة والموت .."

لم تعرف كم مضي من الوقت بينما هي تحاول استيعاب ما حدث..

وما أن وضعت السماعة حتى أخذت أنفاسها تتلاحق كمن كان يبذل مجهود خارق , شعرت أن أعصابها تخذلها , فارتمت علي المقعد بحركة لإرادية ...

الدموع تنساب من مقلتيها دون اي قدرة لها علي كبحها ...

فجأة انتبهت فزعة , مع تبينها أنها مازالت في مكانها مستسلمة لتلك الأحزان , بينما أخيها في أمس الحاجة إليها ...

مع إدراكها لتلك الحقيقة , استجمعت كل ما أوتيت من قوة , وقد بدأت تستعد للسفر .


السيارة تتهادي في الطريق الصحراوي , بينما هي تنظر عبر زجاج النافذة , وعيناها تحاول اختراق هذا الظلام الدامس في الخارج وكأنها تبحث عن بصيص من النور يخفف غمامة الحزن تلك التي تعتصرها ,بينما اخذ شريط الذكريات يتدفق إلي عقلها بقوة , صور ومشاهد لأخيها تتراقص امام عينيها ...

-عندما كان طفل رضيع وهي تلعب له حينئذ دور الأم رغم أنها لم تكن قد تجاوزت السادسة من عمرها بعد رحيل والدتها الي العالم الأخر وتزوج أبيها بآخري , لتتولي جدتها من والدتها مسئولية تربيتهما ..

- وعندما كانت توبخه لعدم اهتمامه بمذاكرته ولعبه الكرة بالشارع ...

مصطفي اطلع بقي كفاية لعب
طيب العب شوية كمان والنبي
لو ما طلعتش ازعل منك ومش اكلمك
خلاص خلاص ..طالع



- وأخيرا وداعه لها هذا الصباح بصورة لم تعتادها منه , وهي تتذكر كيف أطال النظر إليها طويلا , قبل ان يخبرها بذهابه مع بعض أصدقائه لقضاء يومين في مدينة الإسكندرية , قبل تجهيز أوراقه للسفر للعمل في احد الدول الخليجية ..
انا مسافر يومين كده مع صحابي وانقعد في شقة واحد صاحبنا بالاسكندرية ..
طيب خلي بالك من نفسك
متخفيش عليا يا قمر ..اجبلك حاجة من هناك ..
عاوزاك بس ترجع بالسلامة ..مالك بتبصلي اوي كده , شكلك عاوز فلوس ولا ايه ..
لا اطمني جيب السبع ما يخلاش ..انتي عارفة انتي اتوحشيني اوي
ياسلام , انت اتقعد سنة في الاسكندرية
انا قصدي لما اسافر...


هل أخبرتي والدك بما حدث له ؟

انتبهت فجأة علي سؤال صديقتها والتي أصرت هي وزوجها علي اصطحابها في سيارتهم ...

نبتت عن شفتيها ابتسامة باهتة تمتزج في حلقها بالمرارة دون ان تجيب عن سؤالها ...

ثم ما لبثت أن تنهدت وكأنها تنفث عن مشاعر السخط التي زاد تأججها في صدرها ما حدث لأخيها ..
إن الأيام والسنين فشلت تماما في تحقيق التقارب مع والدهما بل أن الجفوة بينهما أخذت تتسع أكثر وأكثر...

إنها تتذكر كيف إنها عندما كانت طفلة صغيرة تتلعثم وتخطئ عند مناداته ب"بابا" , انها لم تكن تستشعر معناها في وجدانها , إنها كانت تشعر انها كلمة جوفاء لا تنبض بأي مشاعر طبيعية تحسها ابنة تجاه أبيها , ولم يكن أخيها بأفضل حال منها , بل علي العكس ..

فربما كانت هي اقدر علي كبت مشاعرها الحقيقية محاولة التظاهر بود مصطنع خاصة مع زوجة أبيها , لكن مصطفي رغم مشاعره المرهفة وطيبته الشديدة كان عندما يغضب يفقد القدرة علي الاستمرار في تلك المسرحية الهزلية من الود المصطنع والمجاملات المتملقة فينفجر بركان الألم المحبوس داخله في وجوه الجميع ...

مثل ذلك ما حدث عندما اخبرها بنجاحه في الشهادة الإعدادية , وانه سيذهب لأبيه ليفرحه بهذا الخبر , ثم كانت مفاجأتها عند عودته وقد ارتسمت علي وجه علامات الحزن والألم ولم تكد تسأله عما حدث حتى انفجر في ثورة يمتزج فيها البكاء بالغضب , وقد علمت منه بعد ذلك كيف استقبل والده خبر نجاحه بفتور شديد بل وطلب منه أن يلتحق بالثانوية الفنية بدلا من الثانوية العامة شديدة التكلفة مما جعله يثور في وجه أبيه متهما إياه بعدم العدالة مما كان سبب في صفع والده له مما اعتبره تطاول وقلة أدب منه ...

هي دي المستشفي ...

اتنبهت مي علي صوت زوج صديقتها, وقد لاحظت توقف السيارة , بينما كان يشير الي احد الابنية ...

- ما ان دلفت إلي المستشفي حتى أدهشها وجود والدها قرب حجرة العناية المركزة , لكنها لم تهتم بمعرفة من اخبره , إذ توجهت مباشرة إلي الممرضة لتسمح لها بالدخول لرؤية أخيها , لكن قوبل رجائها بالرفض , وقد أوضحت لها أن حالته لا تسمح ..

اقبل عليها والدها , وبدأ في طرح عديد من الأسئلة ثم اتبعها ببعض عبارات اللوم لها ولأخيها ,لكن كان جوابها الصمت ...

وفجأة دوي صوت صفارة عالية جعلت الممرضة تصاب بالذعر وما لبثت ان دلفت الحجرة واتبعها عدد من الأطباء والممرضات ...

أحست مي بقلبها يثب من بين ضلوعها , أو انه يكاد يتوقف عن النبض ..

مر الوقت كدهر وهي يقتلها القلق والحيرة لعدم معرفتها ما يحدث ...

وهنا دوت في المكان صرخات ونحيب , وكان مصدر هذه الصرخات مجموعة من النسوة , أحست مي بالآسي من اجلهم وان أدركت الآن سبب تلك الصفارة ...

في تلك اللحظة أتت الممرضة لتخبرهم أن مصطفي قد فتح عينيه , ثم أعقبت أنها ستسمح لواحد فقط بالدخول لرؤيته ..

لم تكد الممرضة تنهي كلامها حتى اندفعت الي داخل الحجرة دون حتى أن تنتظر رأي والدها ...

كان يرقد علي احد الأسرة وقد أحاطت به الكثير من الأسلاك والأجهزة , ما ا ن رآها حتى انهمرت الدموع من عينيه فأسرعت لتجفيف دموعه , ثم حاولت ان تتصنع الدعابة لكي تجعله يبتسم ,لكنه وجهه التي تغيرت ملامحه تماما , بدا وكأنه نسي كيف يبتسم , كانت في استماتة تحاول منع الدمعات التي باتت تترقرق في حدقتيها خشية ان تتحول لسيل من الدموع , ثم ما لبثت ان انحنت علي يديه ثم جبينه لتقبيلهما , وما ان لامست جبينه حتي انفجر ينبوع الدموع لتغسل بها وجها ..

لكن في تلك اللحظة حضرت الممرضة لكي تخبرها أن والده يصر علي الدخول وأنها يجب أن تخرج ليحل محلها , أحست بالحيرة والتردد وان رقت لمشاعر والدها المتلهفة للاطمئنان علي ابنه , فخرجت وهي تحاول تجفيف دموعها وقد لمحت قبل خروجها ملامح الألم والحزن والرجاء قد ارتسمت علي وجه أخيها , وكأنه يرجوها الا تتركه ...

وما كادت تمر دقيقة علي خروجها ودخول والدها حتى علا صوت الصفارة الطويلة مرة أخري , لكن هذه المرة كانت تحمل في طياتها النبأ التي طالما كان يفزعها مجرد التفكير فيه , إنها لن تري أخيها مرة أخري ...

أحست ان الأرض تميد بها أو أنها تدور عكس دورانها , لقد اختل إحساسها بالزمان والمكان , لقد أحست أنها علي وشك السقوط وبدت تتلمس أي يد تتشبث بها , في تلك اللحظة وجدت ساعد إنسان يحول دونها والسقوط علي الارض , لتفقد بعدها الوعي ..

لم تعرف كم مر من الوقت وهي فاقدة الوعي لكنها لما افاقت اكتشفت ان ذلك الإنسان هو زوجها الذي حضر أخيرا وقد علم ما حدث, والتي ما أن نظرت في عينيه حتى أحست بالسكينة والطمأنينة حيث عينيه الغائمة بالدموع تضمها وتحنو عليها , وتخفف عتها بعض احزانها ..

لم يمضي وقت حتي اقبل والدها وما لبث أن اسرع باحتضانها وقد بدأت حينئذ تسمع صوت نحيبه المكتوم, لقد كانت أول مرة تراه يبكي وأول مرة تشعر وهي في حضنه بدفء مشاعره ...

لكنها رغم كل هذا كانت تشعر بحاجز جليدي يمنعها من مبادلته نفس الشعور, كانت تسيطر عليه فكرة أن تناسيها كل هذه السنين من العذاب والألم والحرمان العاطفي التي تجرعتها هي وأخيها هي خيانة لذكري أخيها الذي لم يتلق من والده طوال حياته غير برودة المشاعر والكثير من الألم ...

أحس والدها بمشاعرها تلك , فرفع وجهه وهو يحاول ان ينظر إلي عينيها كأنه يتلمس فيهما مشاعر البنوة التي أحس بافتقادها , لكنه صعق عندما وجد أن عيونها قد افتقدت أي مشاعر فصارت كعيون زجاجية قد مات فيها كل إحساس , ليدرك ان جبال الجليد التي تكونت عبر السنين من المستحيل أن تذيبها لحظات من دفء المشاعر ..

تغادر مي المكان وهي تستند الي ساعد زوجها بينما ظل والدها بمفرده وحيدا ..

الجمعة، 7 مارس 2008

آنات الصمت " هذيان قلم 1"

عندما يجئ الشتاء


فوضي من الاشياء داخلي تتصارع
صرخة مكتومة ..رتابة من الصمت ..شلال من الكلمات ..
تئن الحروف المسجونة بين النبض والعروق متوسلة
لمن يحررها..
في الاعماق مشاعر مضطرمة تصرخ في توجع
اشعر اني علي حافة الجنون
نهر من الحزن يتفتق بين الضلوع
يئن من كل تلك السدود
قدرتي عن منع تدفقه تتهاوي
تزأر مياهه في عنف
تتحجر بلورات ثلجية في مقلتي
رعدة الصقيع تدك اوصالي
هل جاء فصل الشتاء
اخشي إن تعجز مقاومتي في منع تدفق السيل !!!!


قارب بلا شاطئ


احيانا تدفعني رغبة مجنونة ان اكتب , ليس مهم ما اكتب , ولكن ثقل الكلمات احس به في صدري وحينها اتصور نفسي في قارب وحيد وسط بحر هائج , اخشي مصيري في هذا البحر المتقلب الذي لا يبدو له نهاية , احلم بالوصول لشاطئ لكن كل الشواهد تؤكد لي إن هذا حلم مستحيل يحتاج لمعجزة في زمن انتهت فيه عصر المعجزات ..

ولكن فجأة وسط هذا البحر الهائج المح قارب يتهادي مارا بجواري , صوت هدير البحر يعلو علي صوتي اشير له ,اني لا اطلب منه إن يمكث معي في هذا الضياع , لكني فقد اريد إن ائنس بوجه بشري ولو لدقائق , وفي اللحظة الذي المح يديه تشير الي , تجئ موجة عاتية تباعد بيننا لاجد نفسي مرة اخري وحيدا ضائعا بلا شاطئ ..




منتهي الألم


ان تفارق احب الناس الي قلبك


ان تعيش بلا امل بلا هدف بلا رغبة ان تعيش


ان تكتشف ان احلامك مستحيل ان تتحقق


أن ينبض قلبك لاول مرة بحب انسان بلا قلب بلا مشاعر


أن تكون سبب في جرح اناس تحبهم


أن تكتشف بعد مرور السنين انك لم تعثربعد علي صديق حقيقي


أن تتوجع وتنهمردموعك ولا تجد نظرة اللهفة عليك فيمن حولك


ان تخذلك دموعك فتسقط امام من كان سبب ايلامك

ان تلمع لك نقطة مضيئة في الظلام وعندما تصل اليها تكتشف انها بريق زائف


ان تكون صادقا مع اناس يتقنون فن تزييف المشاعر

أن تشعر إن صرختك التي حبستها داخل صدرك تكاد تمزق الضلوع


أن تضطر إن تبتسم وكل عصب منك يئن من الوجع


أن يجرح كبريائك وتهان كرامتك ممن كانوا يوما اعز الناس الي قلبك


أن تكون طيبتك ومسامحتك لغلطات الآخرين سببا في عدم اكتراثهم لمشاعرك


أن يعتصرك الصمت داخله فتختنق الكلمات داخل حلقك

ان يستوطنك الحزن دون اي بصيص من الامل ان يغادرك ويرحل

السبت، 1 مارس 2008

نبض قلبي "قصة قصيرة"



كانت الشمس قد غربت بالفعل , ليحل الظلام علي تلك البقعة الواقعة علي اطراف القاهرة,وان لم يكن المشهد قاتما بصورة كبيرة ,حيث كان اكتمال القمر وما يبعثه من ضوء خافت مع نسمات الهواء الرقيقة التي رافقت تلك الليلة الصيفية دورا كبيرفي التخفيف من وحشة السكون والظلام الذي يحيط بالمكان ..


وعلي ضوء القمرالذي قد يراه البعض ساحرا, بينما تتسبب الخيالات التي تنشأ عن ضوئه الخافت شعور بالرهبة والخوف لدي البعض الاخر..


بدا شبح شخص يتحرك في الظلام وبخطوات بطيئة يتجه للبوابة الضخمة, ويبدأ في طرق البوابة طرقات متتابعة ومنتظمة ليبدد صوتها الذي - يجعله الليل مسموعا بقوة - ذلك الهدوء المريب ,لم يمر وقت طويل قبل ان تنفتح البوابة محدثة صريرا مسموعا وكاشفة عن حارس المقبرة وهو رجل في العقد الخامس من عمره,يلبس جلباب رمادي اللون ويحمل كلوب مالبث ان رفعه عاليا ليلقي ضوئه علي وجه هذا القادم ,فيكشف النور عن شاب في بداية العقد الثالث من عمره توحي ملابسه بدرجة من الثراء وحسن الهندام , ترتسم علي وجهه علامات الحزن والآسي !



وما لبث بعد تأكده من شخصيته ان افسح له الطريق ..تابع الشاب طريقه دون ان يلقي أي نظرة علي الحارس وان لم ينسي قبل ان يتجاوزه ان يضع في يده عملة ورقية ,ما لبث الرجل ان دسها في فتحة جلبابه بصورة تلقائية توحي اعتياده علي هذا الفعل !ثم اسرع باللحاق به لينير له الطريق ..


بعد خطوات قليلة توقف الشاب امام شاهد احد القبور,وعلي ضوء الكلوب وضح المكتوب علي الشاهد الرخامي ,"مني صبري..1980-2006.." اشار الشاب اشارة توحي بانه يريد ان يبقي وحده, لم يكن الحارس منتظر لهذه الاشارة فقد اعتاد في نفس الوقت من كل شهر زيارة هذا الشاب في تلك الساعة المتأخرة ,وطلبه الغريب ان يبقي وحده في الظلام !


انسحب الحارس في هدوء مخلفا ورائه الشاب وحيدا مع الظلام والسكون والذكريات !استند الشاب علي شاهد المقبرة ,وما لبثت ان قفزت دمعة رغما عنه لتسقط علي الشاهد الرخامي ,بينما اخذت صور متتابعة لها تمر في رأسه !


كانت البداية في المستشفي ..اذ قرر الطبيب انه يحتاج لجراحة عاجلة لاستئصال الزائدة الدودية الذي كانت تعاني من التهاب شديد قدتمثل خطرا علي حياته!

لا يعلم كم ظل تحت تأثير المخدر بعد اجراء العملية ..


كانت الاصوات تتداخل في رأسه مع بدء استعادته وعيه , وصدي كلمات تبدو وكأنها تنبعث من بئر عميق "لم يفق بعد ..احضري جهاز قياس الضغط .. " ثم احس بيد رقيقة تلمس جبينه, بدأ بفتح عينيه وقد تثاقل جفنيه ,اخذت معالم وجهها تتكون امام عينيه , كانت صورتها اول صورة تختزن في عقله ,وبدت له ابتسامتها الحانية ترحب بعودته لعالم الاحياء !


"تشعر بتحسن الآن.." كانت تلك اولي كلماتها , اعقبها كلمات عديدة لم يستوعب اكثرها,فقد بدأ يغيب عن الوعي مرة اخري ..


كانت تلك البداية في قصة حب وشقاء والم ..لقد دبت عاطفة ما بداخله ,وهي ستنمو بمرور الوقت ..


هومثل كثيرين لا يعتقد في وجود حب من اول نظرة !لكنه كيف يفسر شعوره نحوها ؟


ربما يري البعض مشاعره هذه علي انها ترجع لحالة الضعف الانساني الذي كان عليها عندما رآها لاول مرة,وهذا يحدث كثيرا للمرضي حيث حالة من التعلق بالطبيب المعالج او حتي الممرضة التي تتولي رعايتهم ..وينتهي الامر بانتهاء العلاج, لكن ما حدث له مختلف تماما !


فرغم خروجه من المستشفي ظلت صورتها عالقة في مخيلته, حتي انه بدأ يتذرع الاسباب لكي يذهب للمستشفي من اجل ان يراها !لقد لاحظ انها لاتلبس في يديها ما قد يشير لارتباطها بآخر,لكن هذا لا يعني كل شئ ..


لكن كيف يمكنه ان يتعرف عليها ؟



حتي تذكر ..زميله القديم الذي كان قد اكتشف انه يعمل في المستشفي كمهندس صيانة لأجهزة الكمبيوتر بها!

وقد تمكن من خلاله إن يعرف منه الكثير عن حياتها –كان صديقه سبق ان زارها في بيتها لاصلاح جهاز الكمبيوتر الخاص بها وصارت تربطها درجة من الصداقة مع زوجته – وقد صارحه بما يحمله لها من حب واوضح له انه يخشي انه اذا تقدم لخطبتها إن يقابل طلبه بالرفض ,ومن خلاله حصل علي البريد الاكتروني الخاص بها..ثم صار يراسلها دون ان تعرف ماهية شخصيته!


كانت في بداية الامر لاتظهر أي رد فعل علي رسائله التي تتضمنها بعبارات مبهمة وغامضة لكنها تحمل وقع وتأثيرخاص مما اوجد لديها حالة من الحيرة والفضول, مما جعلها في نهاية الامر ترد علي رسائله في محاولة منها لايجاد اجوبة للعديد من التساؤلات التي تدور في عقلها ..كانت رسالتها تتضمن العديد من الاسئلة" من هو..كيف عرف اسمها و عنوان بريدها الاكتروني..وماذا يريد منها " !


كان هذا نقطة التحول في علاقتهم , فمع مرور الوقت تلاشي حاجز الخوف والتوجس التي كانت تضعه امام هذا الغريب الذي جاء يطرق حياتها ,ومع مرور الوقت توطد علاقتهم حتي صارا يقضيا الساعات سويا في الحديث عبر الشبكة العنكبوتية, وقد بدأ يحكي لها عن اول مرة رأها ,والاحاسيس التي سيطرت عليه حينئذ ..وحكت له هي ادق تفاصيل حياتها , وكيف انها اضطرت للعيش مع خالتها بعد وفاة والديها,خاصة وان اخيها الوحيد هاجر الي استراليا وقد انقطعت اخباره..


وهكذا اخذت تتطور علاقتهما من محادثات عبر الشبكة الي لقاءات خجولة في بداية الامر ..ثم صارلقاؤه بها امر لايمكن وصفه بالكلمات ..لقد صارت العيون تتخاطب اكثر بكثير من كل احاديث الشفاه , وصار كل واحد مهما يعرف ما يخبئه الآخر قبل ان يفصح به لسانه...


لكن حدث تطور لم يستطع تفسيره حينها !


بدأ يشعر ببرود في مشاعرها..صارت اكثر الوقت التي تكون فيها معه شاردة..حتي وصل للحظة الحاسمة التي لم يستطيع فيها ان يسيطر علي غضبه ..



طلب منها تفسير لهذا التبدل المفاجئ لمشاعرها !


قابلت ثورة غضبه ببرود عجيب وبكلمات اقسي عليه من طعنة النصل..


قالت :انها تعتقد انهما تسرعا في الاستجابة لمشاعرهما وانهما...لم يهتم بباقي كلماتها ..مشاعر مختلطة تعصف به "هل يثور في وجهها ..هل يقوم فيلطمها ..ام عليه ان يتوسل لها لتعيد التفكير في قرارها" اخيرا فضل ان ينسحب مع ما تبقي له من كرامته المهدورة
انتبه علي ضوء الكلوب يبدد الظلام من جديد , وازدادت دهشته عندما تبين ان القادم ليس حارس المقبرة ..كانت فتاة هي من تحمل الكلوب !!
مع اقترابها ..وتأكده انها تقصد المكان الذي يجلس فيه , اخذت عاصفة من الاسئلة تعصف بعقله , خاصة وعلي ضوء النور المنبعث من الكلوب علي وجهها ,بدت له ملامحها مألوفة او انه سبق ان رأها
وضعت الفتاة الكلوب علي الارض , ويممت وجهها ناحية المقبرة دون ان تتفوه باي كلمة..

ورغم انها لم تحاول ان تحرك رأسها ولوقليلا ناحيته , فقد لمحت عينيها واحس قلبها بما يدور في رأسه من اسئلة ..رغم نسمات الهواء الرقيقة التي اخذت تلفح وجهها كانت تشعر كان كل جزء في جسمها يكاد يتصبب عرقا, وقد احست بدقات قلبها تكاد تعلو علي هذا السكون..كيف يمكن ان تخبره بالسر التي جمعها مع حبيبته ؟!

لقد ولدت طفلة عليلة الصحة , وكانت كثيرا تسمع قول والديها ان قلبها ضعيف !لم تفهم قصدهم من هذا القول ,لكنها كانت تدرك انها ليست ككل الاطفال , كان اقل مجهود يصيبها بالاجهاد الشديد ,وتطورالامر عندما كبرت اذ اخذت تنتابها حالات من الاغماء المفاجئ ..

مما حدا بوالدها ان ياخذها للطبيب..وما ان راي الطبيب الاشعة والفحوصات الخاصة بها حتي اخبر والدها ان عضلة القلب تعاني بشدة , وان لامفر من ان تمكث في المستشفي مدة غير محددة !


اقترحت مني ابنة عمها – التي كانت طبيبة- ان تقيم في المستشفي التي كانت تعمل بها ليسهل عليها ان تتولي رعايتها ..


ربما كانت علاقتها بمني قبل ذلك سطحية , لكن مرضها وما ادي اليه من قربها منها اوجد جسرا قويا من الصداقة والود , حتي ان اغلب فترات راحتها كانت تقضيها معها في حجرتها في المستشفي..وصارت هي بالنسبة لها حافظة اسرارها .. فقد حكت لها ادق تفاصيل حبها بمحمود ..


كانت عندما تحكي عنه تكاد تطيرمن علي الارض من فرط السعادة ..وتذكر انها في احدي المرات عرفته بها , وهي لاتنكر انه انسان يتمتع بدرجة كبيرة من القبول ..


حتي كان ذلك اليوم التي حضرت فيها الي حجرتها ..فما ان دخلت الي حجرتها واغلقت الباب , حتي انهارت علي السرير وانفجرت في نوبة من البكاء الشديد !


...وقد اخبرتها بعد ان هدأت.. انها كما تعلم كانت تعاني من صداع مزمن كانت تتغلب عليه بتعاطي المسكنات , وكان الجميع ينصحها بالراحة معللين سبب الصداع بالاجهاد نتيجة العمل ..


لكنها اكتشفت متأخرة جدا !





بعد عمل الفحوصات ,انها مصابة بورم خبيث في المخ وانها ربما لم يتبقي من عمرها سوي شهور!

وانها اضطرت للكذب علي محمود .. بالتظاهر انها لم تعد تحبه لكي لايتعذب بسببها .. وان يكفي ان تتعذب وحدها! ..


كانت كثيرا ما تراها جالسة وحدها تتطالع صورته والدموع تتساقط من عينيها..حتي جاء اليوم التي اخبرتها فيها انها ستذهب لاحد المصحات العلاجية لستكمل علاجها- اوتقضي فيها ما تبقي من عمرها !


وانها سترسل لها كل اسبوع خطاب تخبرها بالتطورات التي تطرأ علي حالتها ..


وبالفعل وعلي مدي شهرين كان يصلها يصلها منها خطابا اسبوعيا, كانت كلها تخبرها بتدهور حالتها الصحية , حتي انقطعت الخطابات فجأة !


وفي مساء احد الايام اخبرها الطبيب الذي كان برفقة والدها انها ستسافر الي لندن صبيحة الغد , لتجري هناك عملية دقيقة بواسطة احد الجراحين ذات الشهرة العالمية, كانت تلاحظ الدموع في عين ابيها ..هل هذه دموع الخوف عليها ؟!


ما ان افاقت من المخدر بعد العملية حتي انتابها احساس غريب , كانت تشعر انها لم تعد هي , هناك تحول غريب طرأ عليها !لكن كان تفسير كل شئ في خطاب مني الاخير..


التي كانت تقول فيه:"عزيزتي نورابعد التحية..هذا خطابي الاخيرالتي حرصت الايصل اليك الا بعد ان اكون رحلت عن عالمكم ..انت تعلمي مدي التقارب التي حدث بيننا في الاونة الاخيرة والذي جعلني احمل لك من الحب والاعزاز الكثير, لقد احببتك بصدق, ومع علمي بحقيقة مرضي واستشعاري مدي ما تعانيه من مرض نتيجة وهن قلبك حتي ارتأيت الا اغادر العالم دون ان اهبك اعز شئ عندي "قلبي" ..نعم ,لا تندهشي , لقد سافرت الي لندن قبل ان ادخل المصحة,لاعرض فحوصاتك علي احد الاطباء الانجليز ومقارنتها بنتائج فحص الانسجة الخاصة بي للتاكد من مدي تقبل جسمك لقلبي عند نقله اليك بعد رحيلي , وقد وجد توافق كبير ادهش الطبيب الانجليزي ..هل تعلمي ان كثيرا ما اعزي نفسي بانني ساعود للحياة مرة اخري مع نبض قلبي داخل جسدك ..يكفيني ان تذكريني..مني"


ما ان انهت الرسالة حتي اخذت الدموع تنهمرمن عينيها دون سلطان منها عليها..مع مرور الايام بدأت تلاحظ التحول العجيب التي طرأ علي شخصيتها ,لقد صارت تحب اشياء لم تحبها قط من قبل , وتحلم باشخاص لم تقابلهم في حياتها , واكثر ما اثار رعبها انها فاجأت نفسها تنظر بهيام لصورة حبيب مني السابق !


هل روح مني قد تملكتها من خلال قلبها الذي ينبض بين جوانحها , ام إن حبه قد تسلل الي قلبها من خلال ما كانت تحكيه مني عنه..

كانت تقاوم في بداية الأمر هذه العاطفة الجارفة تجاهه , لكنها استسلمت في نهاية الأمر لهذه المشاعر التي تغلغلت في كل ذرة من كيانها والتي عجزت تماما عن توصيف طبيعتها..بل وما ان انقضت فترة النقاهة حتي خرجت تستقصي اخبارمحمود حبيبها "حبيب مني " .. وقد اخبرها حارس المقبرة عن هذا الشاب الذي يمكث في الظلام عند مقبرة مني في نفس الوقت من كل شهر..

صوت نباح كلب يفزعها فتتلاقي عيونهما ..فترة من الصمت , يقطعها هو " انت ابنة عم مني التي قابلتها في المستشفي " تبتسم وهي تومئ برأسها علامة الايجاب, كان يريد ان يسألها عن سبب حضورها الي المقبرة في هذا الوقت المتأخر من الليل, لكنه فضل الصمت ..بدا له انها تهم بمغادرة المكان فعرض عليها ان يوصلها للمكان التي تريده, وافقت علي الفور شاكرة له كرمه ..امسك هو هذه المرة الكلوب وهو يتقدمها , كانا يسيران وكل واحد منهما يدور في عقله افكارا عن الاخر..هي "هل تصارحه بالسرالكبيرالذي يربطها بمني , وهل يمكن ان يحبها مثلما احب مني"هو" ما سر هذه الفتاة , وما الذي دفعها لتزور المقبرة في ذلك الوقت المتأخر , وما سر هذا الاحساس الغامض الذي يحس به تجاهها..


users online