طائر جميل ينزل علي الشرفة , لكنه يبعده بقسوه حتي يطير مبتعدا في السماء ويشعر وكأن الطائر يبكي ,تجتاحه مشاعر من الحزن من اجله , ثم يجد نفسه يرتفع عبر الشرفه بينما تدفعه رغبه ان يقترب من الطائر لكي يعتذر له لكنه يجد نفسه فجأه يهوي بينما اجراس عاليه تدوي في المكان
يفتح مصطفي جفنيه في تثاقل وبصعوبه يحاول ازاحة هذا الستار السميك من الظلام والذي يغشي عينيه من خلال اتساع حدقتيه لاقص درجه ...
بينما صوت جرس صاخب يدوي في المكان ..
يجلس علي السرير محاولا لملمة افكاره المبعثره واعادة ترتيب تلك المشاهد المشوشه في عقله
هو قد عاد مرهق للغايه من عمله ولم يجد احد بالمنزل بينما وجد رساله مطويه من والده علي الطاوله تعلمه باضطراره للسفرمع والدته للعزاء في احد الاقارب ومن فرط احساسه بالتعب والارهاق نام بملابسه ليحلم هذا الحلم الغريب ...
صوت الجرس الذي قطع عليه احلامه مازال يتعالي...
يضطر للنهوض متثاقلا وقد اخذ يتحسس طريقه في الظلام ..
يصل اخيرا لمفتاح الاناره في الصاله ... النور الساطع يجعله يضيق عينيه لبعض الوقت ...
الجرس الصاخب لا يكف عن الحاحه ..
يتجه للباب في ضجر ويفتحه ليفاجئ بهذا القادم غير المتوقع ..
انها هي ؟! ... تبدو في حاله رثه للغايه وقد انكمشت حول نفسها كقطه ترتعش من فرط الاحساس بالبرد بينما ملابسها المشبعه بالماء تتساقط منها بعض القطرات علي الارض
هل تمطر بالخارج ؟؟؟؟؟؟
يسألها مستفسرا ..
تومئ رأسها بالايجاب دون ان تتفوه بكلمه !
يشعر بالشفقه عليها وبالعجز عن التصرف امام هذا الموقف الشائك مع وجوده معها بمفردهما في المنزل
يستئذنها في ان يعد لها فنجان من الشاي لعله يمنحها بعض الدفء ,ثم ينصرف متوجها الي المطبخ دون حتي ان يعرف ردها ..
ما ان يضع ابريق الشاي علي الموقد حتي يشعر ان نبضات قلبه تتسارع في صوره غير مسبوقه بينما اخذ العرق البارد يتصبب من جميع اجزاء جسده ..
ما ان يضع ابريق الشاي علي الموقد حتي يشعر ان نبضات قلبه تتسارع في صوره غير مسبوقه بينما اخذ العرق البارد يتصبب من جميع اجزاء جسده ..
..يشرع النافذه لتتدفق عاصفه من الهواء البارد الي المكان ..
وعبر النافذه المفتوحه يظل يرقب المطر المتساقط بنظره خاويه وكأنه يأمل ان تتمكن قطرات المطر البارد من النفاذ الي روحه لاعطائها السكينه مره اخري بعد ان تسبب حضورها المفاجئ في تجدد مشاعر الاشتياق والحنين لها ثانية
اخذ يستعيد الحلم مره اخري ..لقد كانت هي ذلك الطائر ؟!
اذا لم ينساها كما كان يوهم نفسه !..
شريط الذكريات يتدفق بقوه داخل عقله ..
لقد بدأت حكايته مع نورا التي تربطها بوالدته صلة قرابه منذ سنتين تقريبا عندما طلبت منه ان يساعدها في شراء جهاز كمبيوتر وتلقينها بعض المبادئ الاساسيه في تعلمه ...
هو كان لا يري فيها اكثر من طفله كبيره حتي مع دخولها الجامعه فكل حركاتها وانفعالاتها التي تتميز بالتطرف الشديد بين الفرح والغضب والحزن تشبه الاطفال بل ان ملامح وجهها تحمل الكثير من ملائكيه الاطفال وبرائتهم , لذا كانت دهشته كبيره عندما وجدها تتلمس اولي دروب الفتيات في حركاتها وسكناتها واسلوب حديثها معه والذي صار يتميز بالرقه الشديده ..
ثم اخذ يلاحظ تغييرا اكثر اثاره لدهشته في تصرفاتها ونظراتها تجاهه , حيث افعال تفيض بالاهتمام ونظرات تمتلئ باللهفه ..
لكنه كان يقابل مشاعرها الدافئه تلك بالتجاهل واحيانا السخريه ,فقد كان عاجزا عن تصور ان تلك الطفله التي كان يتعمد اثارة غضبها وحتي بكائها احيانا ثم ارضائها بقطعه من الشيكولاته كبرت وبدأ قلبها يتهجي اولي حروفه في ابجديات الحب
حتي كان ذلك اليوم
ثم اخذ يلاحظ تغييرا اكثر اثاره لدهشته في تصرفاتها ونظراتها تجاهه , حيث افعال تفيض بالاهتمام ونظرات تمتلئ باللهفه ..
لكنه كان يقابل مشاعرها الدافئه تلك بالتجاهل واحيانا السخريه ,فقد كان عاجزا عن تصور ان تلك الطفله التي كان يتعمد اثارة غضبها وحتي بكائها احيانا ثم ارضائها بقطعه من الشيكولاته كبرت وبدأ قلبها يتهجي اولي حروفه في ابجديات الحب
حتي كان ذلك اليوم
فبعد احدي زيارتها لمنزلهم , طلبت منه والدته اصطحابها لمنزلها , كان يوم من ايام الصيف الحارة, وعلي سبيل المجاملة دعاها لتناول كوب من العصير في الكافيتريا المجاورة للمنزل, وقد شعر بالدهشة لما اظهرته من فرح تجاه دعوته هذه !
مرت دقائق وهما يجلسان سويا علي طاوله في الكافيتريا دون ان ينطق احدهما باي كلمه تكسر حاجز الصمت بينهما
حتي قطعت هي هذا الصمت بسؤال مفاجئ لم يتوقعه
هل دق قلبك بالحب من قبل ؟؟؟؟؟؟
اصابه سؤالها بالارتباك الشديد , كان يدرك ان سؤالها هو استدراج منها لاقتحامه والولوج داخل اعماقه ونسف كل تلك الجدران الجليديه التي شيدها حول مشاعره بعد تجربة الوجع الاولي في عالم القلوب ...
لم يعرف ماذا يجيبها .. هل يقول انه احب وجرح وتألم اوانه تعرض للكذب والخداع من تلك التي دق قلبه بالحب لاول مره من اجلها ,هل يقول لها انه صار يتشكك في وجود معني الحب حقا علي الارض وانه يراه مجرد ترهات واكاذيب تمارس خلف ستار الرغبه او التسليه
لكن بدلا من يفضي لها بكل تلك الافكار التي يموج بها عقله , وجد نفسه يكذب عليها ويخبرها بولهه الان باخري وانه يعيش قصة حب مشتعله معها ..
لم يعلم لماذا اختلق هذه الحكاية الوهميه لها , هل كما ادعي لنفسه انه يريد ان ينهي اي امل لديها في ان يبادلها نفس مشاعرها , او انه اكتشف ان مشاعره الساكنه قد بدأت في التحرك ثانيه بسببها وقد اراد قمع اي بوادر عصيان قد تلوح داخله لكن كان قد فات الاوان !
للحظات بدا وجهها له وقد اصابه شحوب مفاجئ وقد افلتت علامات الحياه من قسماته فصار وكأنه نحت من الثلج بلا تعابير او ملامح
ليعود الصمت ثانية لكن رافقه هذه المره جدار جليدي باعد كثيرا بينهما ..
احس حينها انه جرحها بل والاعجب انه شعر انه جرح نفسه بنفس الاداه , فقد صارت روحه تنزف آلما من اجلها..
استأذنها في ان ينتظرها في الخارج حتي تنهي كوب العصير, وفي اللحظه الذي كان يسير فيها في اتجاه الخروج لمحها بطرف عينه وهي تمسح بمنديلها دمعة تمردت علي عينيها بالنزول ,..حينها فقط ودون مقدمات اعلنت مشاعره بداية ثورة العصيان عليه ,فقد احس ان دمعتها تلك اعادت جذوة الحياه ثانية لمشاعره او بمعني ادق ان مشاعره كانت اشبه برماد مشتعل تحت رقاقه من الجليد وقد اخترقت دمعتها الساخنه كل الحواجز لتسكن في روحه ...
لكن علي النقيض بدأ يشعر بالتبدل في مشاعرها , وكانت تتعمد تجاهله , وصارت حتي مصافحتها له تحمل برودة لم يعهدها منها من قبل,..
ان مشاعره التي اصبحت تحمل اقصي درجات الشوق تواجه بمشاعرها التي تحمل اقصي درجات الجفاء !!
عاد من افكاره ثانيه مع احساسه برعشة الصقيع تدك اوصاله., قام بغلق النافذه وبدأ في اعداد الشاي مع ملاحظته تصاعد بخار الماء عبر الابريق المعدني
حمل صينية الشاي ووضعها علي الطاولة ,سالته في توجس :
اين خالتي؟
لم يجد مفرا من مصارحتها بالحقيقة..
وما ان قص عليها ظروف سفر والديه حتي هبت بالوقوف في غضب
امسك بساعديها لحثها علي الجلوس مرة اخري .. بعد الحاح وتردد منها عادت للجلوس مرة اخري وقد وعدها بمرافقتها لمنزلها بعد تناول الشاي وتكون الامطار قد توقفت ...
كان يريد ان يعيد الدفئ المفقود لمشاعرها فبدأ يحاول اختراق هذا الحاجز الجليدي التي شيدته هي هذه المره حول مشاعرها , وذلك من خلال البداية في حديث صار غير محدد الهدف منه , وتخلله اسئلة اعتيادية مثل " كيف الحال ,ايه اخر اخبار الدراسة" ...
لكنها فاجئته بعباره مدويه تطايرت شظاياها جميعا تجاه جسده
انت مدعو لحفل خطوبتي !
ارتعشت يده التي تحمل فنجان الشاي , فتساقط بعض ماتحويه علي ملابسه !
رغم ملاحظتها للارتباك الذي بدا عليه ..!
لكنها اكملت حديثها:
لم نحدد موعد للخطوبة بعد ,ولكنه هو شقيق لاحد صديقاتي المقربين !
لم يستمع لباقي حديثها , بدا له صوتها يتضائل في اذنيه .. ازداد احساسه بالرعشه تجتاح جسده افكار وتساؤلات محيره تعصف برأسه ..
.لماذا دائما تلك الحلقة المفرغه من الحب والعذاب والاشتياق والجفاء ...لماذا عندما يطرق الحب بابنا نرفض الانصات له ,وعندما يرحل نهذي في دروب الامنيات توسلا لرجوعه ..
هل الانسان كائن يحمل في اعماقه مازوشيه تجعله يجد متعة خاصة في العذاب والالم والشكوي من جفاء الحبيب ..
هل الحب حاله يكون فيها الانسان عاقل ام مجنون ؟؟؟
صوت ارتطام زجاج النافذة بالحائط اثر فتح النافذة بفعل الرياح الشديدة في الخارج , وتدفق الهواء البارد الي المنزل يستعيده من شروده ..
ينهض لغلق النافذه , لكنها تستمهله ان يستطلع عبر النافذة اذا كانت الامطار قد توقفت في الخارج ..
كانت الامطار بالفعل قد توقفت , يستئذنها لكي يرتدي معطفه الجلدي قبل ان يرافقها للخارج !
وما ان يدخل حجرته , حتي يعلو وجهها ابتسامة كبيرة تحمل بين طياتها لذة الانتصار!
لقد تمكنت من خلال قصتها الوهمية ان تؤلم مشاعره مثلما فعل معها من قبل !
وقد ادركت ان نهر الجليد داخله قد تحول الي نهر من الحمم المشتعله !!!